دم الغزال

. تتناول كتاباتها مواضيع الجسد، وهشاشة الإنسان، والمنفى. حاصلة على درجة الماجستير في القانون، ودبلوم في الترجمة القانونية. نُشرت أعمالها في مدى مصر، رصيف22، وسرد أدبي. من المقرر صدور مجموعتها الشعرية الأولى في عام 2026.
أي شيء كان جميلًا بلا رحمٍ منحته إياه،
أصبح شعراً.. صرخة.. حبًا
فروغ فرخزا
تبصر العينان شيئًا من بعيد،
تتوجسان من مصير أو ذئب.
تتوسلان ينبوع حنان
تتصديان رجل غريب
أو فأر عَفِن.
العينان تستلذان في إخفاء
تمتلئان بالغُبار
تبددان الليل بالنهار
برؤية الفجر
والضوء الذي يغمرها
رويدًا رويدًا.
تمتد يد بَضة
وعروق نافرة
بدم الغزال والطين
تنزع كتلة سوداء
تنمو في حشاها
خصلة شعر بيضاء
تختفي وتعاود الظهور.
تتمدد الآنات على بطنها
حلقات متوالية من البَياض
تفيض في ظلمة الليل.
ترفع يديها وتقول:
-كنوع من المساومة أو الرجاء-
"أجز رأسي وأهديك دمي
أمنحك أجنة وخِلان
أرغفة عيش وغيلان،
قطرة ندى وحِلقان،
جسدي قُربانٌ
وروحي فداء
فهل رضيت
أرضيت؟"
تتوسل:
أعطني طفولة جديدة،
وأيامًا تمحو الخطايا
وأمهات يقتفين أثري
إذ غبت في البراري
وأغرتني الأيادي
(الأيادي التي تجود وتمحو
تعرف وتحن)..
أعطني طمأنينة/ أمان
حِصتي من النوم،
وطعم كرز في فمي لا يزول،
أعطني حروفًا لا تتقطع على لساني،
ولسان يعرف طعم الأكل الشهي
والكلام الشهي والقُبلات الشهية..
تمد ساقيها كجذع شجرة
تنهض من سريرها،
بثُقل ووحدة
بقمصان نوم لم تلمسها
كف غير كفيها الوديعين
قمصان حمراء
صفراء، أرجوانية
قمصان للنساء الوحيدات
بلا رجال ينتظرهن..
نساء بلا رجال
يتلمسن ودهن ومحبتهن
والدفء على جلودهن..
نساء يقفن في شُرفاتهن
يلقين بأعينهن
في السماء الزرقاء
يتتبعن الطير الشريد
والسحاب الأبيض
و خيال رجل
تركهن ذات ليلة
مغمورات بالحُب والشوق
بالصبر واليأس
بوعد بالوصال و أمل باللقاء،
ولم يُعد..
نساء يعولن على الصدفة أو القدر،
يتمنين أن يتعثرن في حفنة تُراب
أو جسد حي.
+++
وفي الصباح أيضًا
تغسل وجهها بالمطر
وتُبلل شفتيها بالعسل،
تفتح صدرها بمهابة
كأم تُلقم ثديها
لقمر جائع
أو بحر هائج،
تفرد ظهرها العاري
العُري أيضًا إيمان
تماهي مع الأرض
تعبد/ تناسك،
توحد مع الآخر.
+++
تجري في حقول القمح
كغزالة حمراء
أو امرأة جامحة،
تشعل شمعة/ تفرك سنُبلة
تأكل ذئبًا،
تتضرع لإله جميل
أحبته مُنذ الصِغر
والطفولة البِكر
هوته في مراهقتها الهادئة،
عوضًا عن رجل
من لحم ودم..
+++
في الليل، على سجادة ملونة
بالأصفر ولون الرمان،
تركع، تلوي رُكبتيها بورع،
تنظر إلى نصف قمر
ونصف غيمة،
وتبكي لإله كاملًا،
تتودد إليه، تقسم ألا تغضبه
أن تقضي الليالي في رحابه،
في ساحة بيته، أمام مِحرابه،
مُلحفة بالآيات والملائكة،
بالسجاجيد الخضراء
والسبح الخضراء
وأن تهجر الدنيا الوسيعة
وتذهب إليه
عوضاً عن أن تمشي
وتمشي
وتمشي.
+++
للاطلاع على كل ما تنشره ليتيراتور ريفيو ، نرجو الاشتراك في نشرتنا الإخبارية هنا!
قصيدة من مجموعة آيه جمال محيي الدين الشعرية التي ستصدر عام ٢٠٢٦ بعنوان "كل البيوت لا تَسَعني".